وجه وزير الدولة السوداني للشؤون الانسانية أحمد هارون انتقادات شديدة اللهجة للمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو أوكامبو واتهمه بالتعامل مع ملف قضية دارفور بدواع سياسية بعيداً عن أدنى أسس النظام العدلي العالمي المتعارف عليها وذلك بتحويره للحقائق على الأرض.
وقال الوزير في تصريحات لـ 'القدس العربي': 'لقد تطورت الصراعات القبلية التي كانت تدور في دارفور بين عامي 2003/2004 لأسباب محلية الى عملية عسكرية توجهها أجندات سياسية'، موضحاً أن مجموعات سياسية تطرح قضايا سياسية بعد أن تلقت دعماً عسكرياً لافراغ الريف الدارفوري من أي مظهر حكومي واشاعة الفوضى.
واتهم الوزير هارون حركة العدل والمساواة بأنها ذراع عسكرية لحزب المؤتمر الشعبي الذي يتزعمه الدكتور حسن الترابي، وشدد على أن الحكومة السودانية لا تختلف عن بقية الحكومات في سعيها للدفاع عن مواطنيها الذين تعرضوا لهجمات من قبل الحركات المسلحة، بما في ذلك استدعاؤها لقوات الاحتياط (الدفاع الشعبي) للرد على هذه الهجمات.
وأضاف 'لقد صدر قانون الدفاع الشعبي في عام 1975 قبل قدوم الانقاذ الى الحكم بأربعة عشر عاماً، وخلال بدايات عهد الأزمة في دارفور تم استنفارهذه القوات التي يسميها البعض ميليشيات والبعض الاخر جنجويد، لكنها قوات رسمية كقوات الشرطة والجيش والأمن وتعمل مباشرة تحت إمرة الجيش السوداني'، وأوضح هارون بأن الهزائم التي تلقتها قوات التمرد دفعتها لتغيير تكتيكها من عسكري الى خلق أزمة انسانية بالضغط على مواطني الأرياف لافراغ قراهم بحرق المنازل وقتل الأبرياء من الأطفال والنساء وتدمير المشاريع الحيوية، وهذا ما يفسر الهجرة الكبيرة من قبل المشردين للمعسكرات التي تحميها قوات الحكومة.
ونفى الوزير هارون وجود أي خلل خلال فترة عمله كوزير دولة بالداخلية، مفنداً اتهامات أوكامبو بالقول 'عندما كنت وزير دولة بالداخلية كان واجبي الوطني يقتضي الدفاع عن المواطنين والقوات الرسمية والمنشآت وحراسة الطرق من خروقات المتمردين، ومن يفعل مثل تلك المخالفات والجرائم بدول الغرب تحديداً يسمونه أرهابيا، نحن نتساءل ما الذي يعطي مشروعية لمتمردي دارفور للقيام بمثل هذه الأعمال في السودان، بينما أفعال كهذه مرفوضة لدى الغربيين في بلادهم؟'.
وفي اجابته عن سؤال عما يريده الغرب من السودان بحسب اعتقاده، أجاب هارون 'القوى المتربصة بالسودان سارعت لتفجير أزمة دارفور ونحن نشارف على توقيع اتفاقية السلام الشامل لتعطيل عجلة التنمية في دولة سيكون لها شأن كبير في المنطقة. وأضاف 'انهم يستهدفون شيئين أساسيين، مواردنا ومنظومة قيمنا، وهذا أمر مقلق للغاية، حتى عندما دعموا عملية السلام بين الشمال والجنوب لم يدعموها بنوايا سليمة، نواياهم كانت خبيثة، ظاهرها يناقض باطنها ولكن ارادة الحكومة والحركة الشعبية تجاوزت خططهم الخبيثة الساعية لتفكيك حكومة الانقاذ، وكان هدفهم الاستراتيجي والمبدئي هو اسقاط التجربة السودانية، ولكن تبقى اتفاقية السلام الشامل أنجازاً سودانياً عظيماً كونها أوجدت خارطة طريقا لكيف يحكم السودان.
وأكد الوزير أن المناخ السياسي السوداني مهيأ لتحقيق سلام عادل بدارفور، خاصة وأن قنوات الاتصال السياسي تطورت كثيراً بتوقيع اتفاقية نيفاشا للسلام الشامل، لاسيما وأنها لم تكن للجنوب وحده وانما كانت موجهة لمخاطبة كل مشاكل السودان خاصة قضية المركز والأطراف، وأضاف 'حملة السلاح في دارفور لم يقدموا أي مشروع سياسي للحلول، بل ذهبوا لحمل السلاح مباشرة خدمة لأجندات خارجية'.
وعن أتهامه بقتل مدنيين في دارفور في العام 2003، قال الوزير 'لقد كون السيد الرئيس لجنة تحقيق وطنية حققت معي ومع عدد من المسؤولين وأجبت على كل تساؤلاتهم واستفساراتهم ولم يجدوا مسوقاً لاتخاذ أي اجراء معي لأنه لم تثبت ضدي أي اتهامات'.
وفي سؤال لـ 'القدس العربي' ما أذا كان نادماً عن تلك الفترة التي قضاها في وزارة الداخلية، قال الوزير 'أنا متصالح مع نفسي وكنت اؤدي ضريبة وطنية في الدفاع عن الوطن والمواطنين'. وعن أسباب استهدافه من المحكمة الجنائية قال الوزير انهم في الحكومة السودانية يفسرون ذلك بأن المحكمة أصبحت جزءاً من أدوات الصراعات الدولية وأنها وجه من أوجه الاستعمار الجديد، لاستهدافها الأفارقة دون سواهم بالدرجة الأولى، وأضاف 'المحكمة تذكرنا بمقولة عبء الرجل الأبيض، وتحت هذه الشعارات الجذابة يتم كثير من الأشياء الخطيرة، انه الاستعمار الجديد'.
وفي سؤال عما اذا كان متخوفاً من عواقب مذكرات أوكامبو قال الوزير هارون 'أقول لأوكامبو وأنا زميل له في القانون ان القاعدة الأولى التي يدرسها طلاب القانون بالجامعات هي أن المساواة تأتي قبل العدالة، والقرار 1953 الصادر من مجلس الأمن يجهض هذا التحرك الذي يقوم به أوكامبو، هذا القرار استثنى المواطنين الامريكيين وهذه تفرقة بين الأمم'.
وأضاف بأن أوكامبو يستند في اتهامه الى تحريات كاذبة جرت من وراء الحدود، مذكراً بأن قواعد القانون تفرض أن تتم التحريات على مسرح الحادث وأن الشهود العدائيين لا يمكن اعتماد شهاداتهم (في اشارة للمتمردين).
وفي سؤال عن امكانية مقابلته لأوكامبو اذا حضر للخرطوم أبان هارون أنه لن يلتقي أوكامبو لأنه أظهر عدم احترام لمهنة العدالة وأصبح يطوع القانون لأسباب سياسية، وأضاف 'أنه شخص غير مرحب به في وطني السودان، انها لعبة سياسية أكثر منها قانونية'.
وأوضح الوزير أنه غير خائف على أمنه، وأنه يتحرك بحرية تامة والرئيس البشير كذلك، مؤكدا أن أكبر دعم يتلقونه يأتيهم من مواطني دارفور.
وفي اجابته على سؤال عن امكانية تسليم نفسه للمحكمة الجنائية الدولية حال تيقنه من حجم الضرر الذي يمكن أن يتعرض له السودان، قال الوزير 'أنا أقدم نفسي فداء للسودان، وهذا التزام واحساس يقتنع به كل المسؤولين السودانيين في الدولة، ولكن أن يكون ذلك جزءاً من اتفاق مع المحكمة الجنائية الدولية فهذا أمر غير خاضع للحوار والنقاش'.
وطالب الوزير هارون بضرورة تغيير أوكامبو لأنه يسيء الى مهنة العدالة. وأوضح أنه يضم صوته للدول الافريقية المطالبة بتغييره.
وعما يمكن حدوثه في حال اتهام الرئيس البشير، قال هارون 'لا نتوقع خيراً من المحكمة، نحن نتوقع الشرور باستمرار، سيكون مدهشا لو اتخذوا قراراً بعدم الاستجابة للمدعي وعندها سيكون لكل حادث حديث، سندافع عن وطننا بما نستطيع ودعهم يفعلون ما يشاؤون'